الأربعاء، 9 فبراير 2011

الله يسامحك ياوائل ياغنيم


سامحك الله ياوائل جعلتنى أشعر بالخزى من نفسى .. ما كل هذا الصدق .. ما كل هذا النبل .. ما كل هذا النقاء .. أكاد اجزم ان كل من رأى حوار وائل غنيم مع منى الشاذلى بعد سويعات من خروجه من المعتقل شاركنى نفس الشعور .. شعور المهانة .. شعور الحزن على هذا الوطن الذى سحقناه بأنايتنا  تحت بيادات أمن الدولة وهراوات فرق الكاراتيه .
لو كنا نملك قدر يسير من نبل وائل وصدقه وحبه لهذا البلد ما وصلنا الى ما نحن فيه .. لو فكرنا مرة واحدة فى مصر كما كان يفكر فيها وائل وهو ينعم برغد العيش فى الامارات فى فيلته الخاصة "بالبيسين" والزوجة الحسناء والنجاح المبهر فى العمل ما كنا تركناها نهبا للحرامية والمنتفعين والأفاقين والمتملقين
تابعت كما تابع الملايين حوار وائل غنيم ولدى قناعاتى المسبقة أنه بالتأكيد سوف يكون بطل المرحلة الورقى الذى نتفنن نحن المصريين دائما فى اختراعه .. بعد هدم أله نخلق أله جديد حتى نلتف حوله .. وبعد كل كارثة يخرج علينا شخص ساقته الظروف بدون أى جهد منه ليكون البطل المزعزم الذى سرعان ما نرفعه على أعناقنا وعلى كرامتنا .
وحقيقة .. كانت لدى أسلحتى الفتاكة والمتطورة التى أكشف بها دائما الممثلين والمناضلين المزيفين والمتمرسين فى ركوب الموجة .. حاولت كثيرا أن استدعى هذه الأسلحة وانا اشاهد بعقلى وقلبى وكل جوارحى حوار وائل ..  لكن دون جدوى .. فصدقه لا يقاوم ونبله ونقاء نواياهه التى غمرتنا جميعا عطل كل اسلحتى .. كنت مبهورا بهذا الشاب الذى يكبرنى بثلاث سنوات لكننى فى الحقيقة شعرت أمامه أننى شيخا هرم يحتضر .
غرقت فى مشاعر متضاربة عصية على الوصف .. مابين شعور بالفخر لأننى أنتمى لهذا البلد الذى هو بالتاكيد أعظم بلد فى الدنيا كما تشى بذلك دموع وائل الهادرة .. وشعور بالخزى والعار لأننى كنت طول الوقت أنتمى للأغلبية الصامتة التى كانت تكتفى بالمتاح من العيش الذى هو فى كل الأحوال مرضى بالنسبة لى لأن الرضا من شيم المؤمنين الصابرين الذين لا يقنطوا من رحمة الله .. فيكفينى اننى تزوجت وأنجبت واعمل فى مكان ثابت ومستقر الى حد ما .. ماذا اريد بعد ذلك ؟؟  .. أنا مالى بالعمال الذين أكلهم البرد بالشهور امام مجلس الشعب – ربنا معاهم ولا بأس من بعض التعاطف المفيد أحيانا لوجع الضمير .. يألهى ما كل هذه القناعة الزائفة والانانية المقززة.
 سامحك الله ياوائل ياغنيم .. جعلتنى أتعرى امام نفسى .. فأنا الأن لا املك حتى ورقة التوت التى أخفى بها سوءتى .. أفقدتنى حتى السلاح الشعبى الذى أتذرع به وقت الازمات .. سلاح اللامبالاة والأنا مالية .. ذلك السلاح السحرى الذى غرسته انظمة الأستبداد المتعاقبة فى داخلنا بدون ان نشعر .. الأن فقط لا أستطيع أن أقول وانا مالى .. الان فقط بعد ان رأيتك وأرتويت بقدر يسير من نبلك لا أجد مفرا من أن أخرج الأنسان الذى بداخلى .. لا أجد بدا من أن أرى بعينك انت مصر التى أريدها لا مصر القبيحة الشمطاء التى صنعها نظام مبارك .
 عزيزى وأخى وائل غنيم - ان كنت تمنحنى هذا الشرف - .. أرجوك لا تعتذر عن دماء الشهداء بالنيابة عنى .. أنا المذنب أنا الذى أذنبت فى حق نفسى وفى حق أمى وأبى عندما حلفونى على المصحف ألا أنزل يوم 25 يناير ويوم جمعة الغضب 28 يناير ووفيت بعهدى معهما لكنى نقضت عهدى مع مصر ومع انسانيتى .. انا الأن مدين بدمى لكل أم وأب فقد فلذة كبده فى هذه الثورة المجيدة سوف أنزل على أقدامهم أقبلها لكى يسامحونى لاننى لم أدافع عن أبنائهم .. سوف أجثوا أمام أى أم فقدت أبنها فى الثورة أعطيها سلاحا حتى تزهق روحى الجبانة الخائفة المفزوعة الكامنة فى داخل جسد لا يجيد الا الوظائف البيلوجية  .. وأقول لها سامحينى ياأمى لو كنت فى الميدان لربما كنت سببا فى أن يكون ولدك معكى الأن لربما كانت الرصاصة أخطئته لتصيبنى أنا أو لعلنى كنت سبقت الرامى بحجر فى رأسه الفارغة قبل أن تنطلق رصاصاته الغادرة الى صدر حبيبك .. سامحينى ياامى وأغفرى لى .
 والأن .. أعزائى المتحفزيين والواقفين على أطراف التورتة الكبيرة فى ميدن التحرير .. ولا أخص أحدا .. فأنتم تعرفون انفسكم والبطحة فرشت على رؤوسكم لتصبح واضحة جلية لن تستطيعون اخفائها بعد الآن خلف شعاراتكم الوهمية .. لن تستطيعون بعد الأن أن تلهوننا بكلامكم المنمق ودموعكم الزائفة ونبراتكم الهادرة فى حب مصر والخوف على مصلحتها ..نحن الأن عرفنا معنى الدموع الصادقة  بعد أن رأينا دموع وائل غنيم .. لن تنطلى علينا بعد ذلك ألاعيبكم لأننا قد بلغنا سن الرشد .. لم نعد قابلين للقرطسة من جديد .. هذه ثورة مصر .. شبابها وشيوخها وأطفالها ومن بينهم سوف يخرج من يمسح الغبار من على وجه مصر الزاكى .. فلا تزكوا أنفسكم ولا تزاحموا حتى تظهرون فى الكادر ووفروا على أنفسكم الجهد وأحبوا مصر اولا قبل ان تحبوا ذواتكم .. فهذا أول شرط فيمن يقود المشهد القادم ..ولكم فى وائل غنيم أسوة حسنة .. أفلا تذكرون أفلا تتعلمون أفلا تحسون

نقلان عن موقع الدستور الاصلى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق